نوبات الغضب عند المراهقين

ليست السنوات الاولي فقط هي التي تشهد صعوبة في التعامل مع أطفالنا فمرحلة المراهقة لها بعض مشاكلها أيضا، وأبرزها نوبات الغضب عند المراهقين. في الثانية من عمرهم سيبكون ويصرخون فقط بينما في الثالثة عشر وما بعد ذلك ستجد أبواباً تُغلق بعنف واندفاع الي خارج المنزل مع الصراخ “لا يمكنك التحكم بي”. وللأسف يعتقد بعض الآباء في هذه الحالة بأن ابنه المراهق غير محترم أو متقلب المزاج بينما في الغالب كل ما في الأمر هو حدوث نوبة غضب مراهقة. المراهقون معروفون بعدم قدرتهم على التخلص من مشاعر الغضب الشديد بشكل مناسب. يصبح المراهقون غاضبين لأسباب مختلفة ويعبرون عن هذا الغضب بعدة طرق قد تؤدي في بعض الحالات لعواقب وخيمة بسبب عدم معرفة كيفية التعامل مع مشاعرهم بشكل مناسب. ولكن لحسن الحظ عزيزي القارئ يمكنك تقليل نوبات غضب ولدك وتعليمه كيف يتحكم أكثر في مشاعره باتباع بعض الخطوات. دعنا نتعرف عليها:

تواصل مع ابنك لتفهم ما يغضبه

الغضب عبارة عن مشاعر تصيب المراهق مصحوبة بعواطف صعبة وربما تكون ساحقة في بعض الأحيان. وتحدث هذه العواطف نتيجة أسباب مثل الأذى أو الإحباط أو الحزن أو الخوف التي يحاول المراهق تجنبها بأي طريقة ممكنة. ولذلك كل ما يفكر فيه المراهق هو التصرف بشكل مباشر مع هذه المشاعر في نوبات غضبه للتخلص منها بدون وعي حتى ولو كان ذلك سيُعرضه أو يُعرض الأخرين للخطر. ولذا لابد أن تتواصل مع المراهق بحكمة لتعرف ما الدافع وراء هذه المشاعر، وتُعلمه كيف يعبر عنها ويتخلص منها بطرق صحية.

الغضب ليس المشكلة حقا في نوبات الغضب عند المراهقين

نعم يسبب الغضب انزعاجا عاطفيا وجسديا كبيرا ولكن كن على دراية أنه ليس المشكلة الأساسية لنوبات الغضب عند المراهقين. الغضب يحدث نتيجة لبعض المشاعر المضطربة كما ذكرنا سابقا التي تؤثر على المراهق. وغالبا ما يحاول المراهق التعبير عن هذه المشاعر بتفريغ غضبه على الأشخاص والأشياء التي أمامه. لذا لا تأخذ الأمور التي تحدث اثناء نوبات غضب ولدك على محمل شخصي بل اتركه ليهدأ ويفرغ طاقته ثم تعامل معه. وسوف أذكر بعض الوسائل الصحية لتفريغ هذا الغضب بالشكل المناسب في الفقرة التالية.

استراتيجيات تفريغ الغضب بشكل صحي

يكمن التحدي في كيفية مساعدة ابنك على التعرف على الغضب والتعامل معه مع الحفاظ على سلامته العقلية والبدنية. وهناك في الحقيقة خيارات كثيرة يمكن للوالدين القيام بها لمساعدة المراهق الغاضب ومنها:

  • مشاركة المراهق في الأنشطة الرياضية: غالبا ما يكون هناك دافع قوي عند المراهقين للتعبير عن الغضب بفعل جسدي غير مقبول مثل رمي الأشياء. بينما إذا مارس رياضة في ذلك الوقت فستساعده على الشعور بتحسن والتعبير عن الغضب بشكل منتظم.
  • الانغماس في الموسيقي: الموسيقى لها شعبية كبيرة عند معظم المراهقين وتؤثر عليهم بشكل كبير. بعضهم يحب الاستماع اليها وبعضهم يحب الغناء أو الرقص مع الأغاني التي تصف مشاعره. لذلك تكون الموسيقي وسيلة جيدة لتحديد مشاعر الغضب والاسترخاء للتخلص منها.
  • حث ابنك على تحديد هواية يحبها لتشغل تفكيره: بالإضافة الي الرياضة والموسيقي هناك هوايات أخري تحد من نوبات الغضب عند بعض المراهقين مثل القراءة أو الكتابة أو الرسم أو التصميم وغيرها الكثير.

صدقني هذه الأشياء لها مفعول السحر علينا نحن الكبار وما نمر به من ضغوطات فما بالك بتأثيرها على المراهقين!

كن واضحاً بشأن التصرفات المقبولة وغير المقبولة

يحتاج المراهقون أن يعرفوا أنهم يتجاوزون التصرفات المسموح بها أو كما يقال ” الخط الأحمر” عندما يصرخون أو يهددون أو يحطمون ويرمون الأشياء، وغيرها من الأفعال غير اللائقة. فكر في انشاء خارطة طريق للسلوك المحترم وضع فيها الأهداف مثل “معاملة بعضنا البعض باحترام”، وضع فيها أيضا السلوكيات غير المقبولة مثل “عدم الشتائم وعدم إلقاء الأشياء”. ابدأ بتدوين مكافئات لمن يلتزم بذلك وعواقب لمن يتعداها. وفقا لبعض الصحف كصحيفة The Times Of India فإن وضع قواعد أساسية في المنزل لا يهدئ أسرتك فحسب وإنما يعمل أيضا على خلق سلوك أكثر قبولا في المجتمع. احرص على أن تكون نموذجا لكيفية التصرف بشكل سليم وضبط النفس فأنت مرآة لابنك. يجب أن يعرف المراهقون أنهم لن يستطيعوا التواصل والحصول على ما يريدون إذا لم يتمكنوا من احترام أنفسهم والأخرين.

لا تجعل غضب طفلك هو المسيطر

نسمع كثيرا عن اباء يلبون كل ما يريده المراهق أثناء نوبات غضبه خوفا منه أو عليه، وهذا خطأ كبير. فبمرور الوقت يفهم المراهق أن هذه هي الطريقة المناسبة للحصول على ما يريد في أي وقت. لا تترك ولدك يفعل ما يحلوا له ويتحمل مسؤولية غضبه كليا، وفي نفس الوقت لا تشد عليه وتخنقه. حاول أن تكون حكيما ووسطا في معاملتك للوصول الي حل مناسب.

تخير الوقت المناسب للتحدث

نعم أعلم أنه من الصعب الحفاظ على رباطة جأشك أثناء نوبات الغضب عند المراهقين وتلقي بعض الكلمات المؤذية منهم، ولكن الحفاظ على هدوئك أمر في غاية الأهمية. اختر وقت المناقشة بذكاء ولا تتفاوض في ذروة نوبات الغضب عند المراهقين. فإذا لم تكن المشكلة ملحة وفورية أو لن يكون هناك تصعيد للمشاعر إذا انتظرت قليلا حتى يهدأ المراهق فيستحسن أن تتمهل قليلا حتى تستقر الأمور وتحظي بمناقشة أكثر سعة.

ماذا لو لم يحدث تحسن بعد تجربة كل ذلك؟

لنتمهل قليلا قبل ان نصل الي هذه النقطة. وتذكر أن أي تغيير لنمط غير صحي يحتاج الي وقت ولن يتغير بين عشية وضحاها. فاضبط توقعاتك جيدا ولا تتعجل وابحث عن التقدم وليس الكمال.
لكن إذا جربت كل ذلك، وانتظرت كثيرا ومازال المراهق يواجه صعوبة في التعامل مع غضبه، اذاً حان الوقت للحصول على مساعدة احترافية من طبيب متخصص. فربما يكون المراهق يواجه مشاكل عقلية أو نفسية تحتاج لعلاج منتظم ومدروس للحصول على نتيجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *